تؤثر الصراعات الجيوسياسية والعسكرية بشكل كبير على أسواق العملات، وذلك عبر عدة آليات رئيسية:
* هروب رؤوس الأموال إلى الملاذات الآمنة: عند اندلاع الصراعات، يميل المستثمرون إلى سحب استثماراتهم من الدول المتأثرة أو التي يُنظر إليها على أنها ذات مخاطر عالية. يبحثون عن "ملاذات آمنة" (Safe-haven currencies) مثل الدولار الأمريكي، الين الياباني، والفرنك السويسري، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على هذه العملات وارتفاع قيمتها. في المقابل، تضعف عملات الدول المتأثرة مباشرة بالصراع أو تلك التي يُنظر إليها على أنها أقل استقرارًا.
* عدم اليقين الاقتصادي: تزيد الصراعات من حالة عدم اليقين بشأن المستقبل الاقتصادي للبلدان المعنية والعالم أجمع. هذا الغموض يقلل من ثقة المستثمرين ويؤثر سلبًا على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) والاستثمارات في المحافظ المالية، مما يضعف العملة المحلية.
* التأثير على التجارة وسلاسل الإمداد: تعطل الصراعات سلاسل الإمداد العالمية وتؤثر على حركة التجارة الدولية. قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد (خاصة للنفط والسلع الأساسية)، مما يزيد من التضخم ويضعف القوة الشرائية للعملة المحلية. كما أن انخفاض الصادرات أو تعطلها يمكن أن يؤدي إلى عجز في الميزان التجاري، مما يضغط على العملة.
* تغيرات في أسعار السلع الأساسية: غالبًا ما تؤدي الصراعات إلى تقلبات حادة في أسعار السلع الأساسية مثل النفط والغاز والمعادن. الدول التي تعتمد بشكل كبير على تصدير أو استيراد هذه السلع سترى عملتها تتأثر بشكل مباشر بتغيرات الأسعار. على سبيل المثال، ارتفاع أسعار النفط يدعم عملات الدول المصدرة للنفط ويضعف عملات الدول المستوردة.
* التدخلات الحكومية والسياسة النقدية: قد تضطر البنوك المركزية والحكومات في الدول المتأثرة بالصراع إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لدعم عملتها أو إدارة الأزمة الاقتصادية، مثل رفع أسعار الفائدة بشكل حاد أو فرض قيود على حركة رأس المال، مما يؤثر على تقلبات العملة.
باختصار، تؤدي الصراعات إلى بيئة من عدم اليقين والمخاطر، مما يدفع رؤوس الأموال إلى البحث عن الأمان، ويعطل الأنشطة الاقتصادية والتجارية، ويخلق ضغوطًا تضخمية، وكلها عوامل تتقلب على أساسها أسعار العملات.