في الأشهر السبعة الأخيرة، شهدنا واحدة من أغرب الفترات في تاريخ سوق العملات الرقمية. فبينما تعجّ منصات التحليل الفني بالتوقعات والمؤشرات التي ترسم صورة صعودية واضحة، يفاجئنا الواقع بانهيارات مفاجئة وتحركات غير مبررة من وجهة نظر التحليل الكلاسيكي.
السبب؟ ببساطة: السياسة.
خلال هذه الفترة، لم يكن المحرك الأساسي للسوق لا العرض والطلب، ولا المؤشرات الفنية، ولا حتى معنويات المستثمرين. بل كانت القرارات السياسية، والصراعات الجيوسياسية، والتوترات بين الدول الكبرى هي المتحكم الفعلي.
دعونا نلقي نظرة على بعض الأحداث التي ضربت السوق من حيث لا يتوقع أحد:
رفع الرسوم الجمركية على الصين: لم يكن في الحسبان، وبين ليلة وضحاها، انهارت الأسواق، ومعها تبخرت مكاسب شهور.
خلاف بين ترامب وإيلون ماسك: لا أحد توقع أن تصريحات أو تغريدات سياسية قد تجرّ سهم تسلا إلى هبوط 20% في ساعات معدودة. ولكن هذا ما حدث، ومعه تأثرت ثقة المستثمرين واهتز السوق.
توتر جديد بين إيران وأمريكا: هذا النوع من الأحداث لا يؤثر فقط على سوق الكريبتو. بل يطال كل ما نستهلكه، من الطاقة إلى الغذاء. ارتفاع أسعار النفط ينعكس مباشرة على تكاليف الشحن، والإنتاج، والمعيشة اليومية.
التحليل الفني وحده لم يعد كافيًا
هذا الواقع الجديد يفرض علينا كمستثمرين ومتابعين للسوق أن نعيد ترتيب أدواتنا. لم يعد من الحكمة الاعتماد الكامل على الشموع اليابانية والمؤشرات الكلاسيكية. ما يحدث في أروقة السياسة بات يملك تأثيرًا مباشرًا وفوريًا، قد يقلب التوقعات رأسًا على عقب.
إن كنت ترى السوق “صاعدًا” في التحليل الفني، لا تنسَ أن “تغريدة” واحدة، أو قرار سياسي، قد تحوله إلى “هابط” في دقائق.
خلاصة القول
سوق الكريبتو – بل الأسواق المالية عامة – باتت أكثر ترابطًا مع السياسة من أي وقت مضى. لذلك، إذا أردت أن تبقى على دراية، لا تتابع فقط الشارت... تابع الأخبار، تابع التصريحات، وافهم الديناميكيات الجيوسياسية.
فما يحرك السوق اليوم... ليس فقط الأرقام، بل من يقف خلف الكواليس.