لم أكن أتصور يومًا أن مجرد كلمة، "بيتكوين"، ستحمل في طياتها مفتاح عالم جديد يقلب حياتي رأسًا على عقب. قبل سنوات قليلة، كنت أعيش حياة تقليدية، روتينية، محكومة بحدود الدخل الثابت والأحلام المؤجلة. لم يكن لدي اهتمام يُذكر بالأسواق المالية، ولا أفقه شيئًا في التكنولوجيا المعقدة التي يتحدث عنها البعض. كنت أرى العملات الرقمية كنوع من "الفقاعة" أو "المقامرة" التي لا تخصني، حتى جاءت تلك اللحظة... القفزة المجنونة.
أتذكر جيدًا تلك الأيام التي بدأت فيها أسمع عن البيتكوين بشكل متزايد. كانت العناوين تتحدث عن ارتفاعات خيالية، عن أشخاص أصبحوا أثرياء بين عشية وضحاها، وعن مستقبل مالي جديد يلوح في الأفق. في البداية، كنت أتابع بفضول ممزوج بالشك، لكن شيئًا ما بدأ يتغير بداخلي. ربما كان الفضول، أو ربما شعور خفي بأن هناك فرصة لا يجب تفويتها.
كان قرار الدخول إلى هذا العالم أشبه بالقفز في المجهول. بعد بحث مكثف وقراءة كل ما وقعت عليه يدي، قررت أن أخاطر بجزء صغير من مدخراتي. لم يكن مبلغًا كبيرًا، لكنه كان يمثل بالنسبة لي خطوة جريئة خارج منطقة راحتي. في تلك الفترة، كانت السوق متقلبة بشكل جنوني، تشبه rollercoaster صاعدة وهابطة. كل يوم كان يحمل معه موجة جديدة من الأمل أو الخوف. كنت أراقب الرسوم البيانية كمن يراقب نبض قلبه.
ثم جاءت تلك "القفزة المجنونة" التي غيرت كل شيء. ارتفاع غير مسبوق، تجاوز كل التوقعات. لم يكن مجرد ارتفاع في السعر، بل كان بمثابة إثبات حقيقي على قوة هذه التكنولوجيا ونموذجها المالي الجديد. فجأة، وجدت نفسي أمام أرباح لم أكن أحلم بها. لم يكن الأمر يتعلق بالمال فحسب، بل بالحرية التي بدأ يمنحني إياها هذا التحول.
ما بعد البيتكوين لم يكن مجرد تغيير في رصيدي البنكي. لقد كان تحولًا جذريًا في نظرتي للحياة، للمال، وللمستقبل.
أولاً، تغيرت علاقتي بالعمل. لم أعد أعمل لمجرد الأجر، بل أصبحت أمتلك القدرة على اختيار المشاريع التي شغفت بها، والتركيز على تطوير نفسي. أعطاني هذا التحول فرصة لمتابعة شغفي الحقيقي، الذي كان دائمًا مؤجلًا بسبب القيود المالية.
ثانيًا، تغيرت عاداتي المالية. أصبحت أكثر وعيًا بالاستثمار، بإدارة المخاطر، وبأهمية البحث المستمر والتعلم. تحولت من شخص يخشى الأسواق إلى شخص يفهمها ويتعامل معها بوعي. أصبحت أدرك أن الثراء ليس بالضرورة وليد الحظ، بل هو نتيجة للمعرفة، الشجاعة، والقدرة على رؤية الفرص.
ثالثًا، الأهم من ذلك كله، تغيرت نظرتي إلى المستقبل. أصبحت أرى إمكانيات غير محدودة، وأدرك أن العالم يتغير بسرعة فائقة، وأن البقاء ثابتًا يعني التخلف. أصبحت أكثر انفتاحًا على التكنولوجيا الجديدة، وأكثر استعدادًا لاحتضان التغيير. لم يعد الخوف من المجهول يسيطر علي، بل تحول إلى دافع للاستكشاف.
قصتي مع البيتكوين ليست مجرد قصة مالية؛ إنها قصة تحول شخصي عميق. إنها دليل على أن الفرص الكبرى غالبًا ما تأتي متنكرة في شكل مخاطر، وأن الشجاعة لأخذ قفزة الإيمان، حتى لو كانت "مجنونة"، يمكن أن تفتح أبوابًا لم نتخيل وجودها. لقد أثبتت لي أن الحياة قبل البيتكوين وبعدها هما عالمين مختلفين تمامًا، وأن هذه العملة الرقمية لم تغير محفظتي فحسب، بل غيرت حياتي جذريًا، وجعلتني أؤمن بأن المستحيل قد يكون مجرد وجهة نظر.