تصاعدت المخاوف من توقف عمل الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة إلى مستويات غير مسبوقة، حيث أظهرت بيانات منصة التوقعات Polymarket أن احتمالية الإغلاق الحكومي في عام 2025 قفزت إلى نحو 82%. هذا الانسداد السياسي بين الحزبين أصبح مصدر قلق واسع في الأسواق المالية التقليدية والرقمية على حد سواء.
ومع اقتراب الموعد النهائي لاعتماد الموازنة في 1 أكتوبر، ما تزال المفاوضات متوقفة وسط خلافات حادة، في حين زاد قرار الرئيس ترامب بإلغاء اجتماع مهم من تعقيد المشهد. وبحسب خبراء، فإن حدوث الإغلاق لن يقتصر أثره على تعطيل المؤسسات الفيدرالية، بل سيمتد ليشمل مئات الآلاف من الموظفين الذين قد يتعرضون لتجميد رواتبهم، إضافة إلى توقف خدمات عامة أساسية مثل إصدار الجوازات وإدارة المتنزهات الوطنية. كما أن تعطيل نشر البيانات الاقتصادية سيزيد من حالة عدم اليقين، الأمر الذي قد يفاقم تقلبات السوق ويقوض ثقة المستثمرين.
المعضلة تكمن في أن كلا الحزبين يستخدم التصلب كأداة ضغط سياسي، مما يجعل التوصل إلى حل وسط أكثر صعوبة.
في سوق العملات الرقمية، انعكست هذه الأجواء بوضوح؛ فالبيتكوين ما يزال يتأرجح في نطاق واسع، فيما اتجه المستثمرون إلى الأصول الدفاعية مثل العملات المستقرة، بينما تكبدت الميم كوينز والعملات شديدة التقلب خسائر بعشرات النسب المئوية. كذلك شهدت الصناديق المتداولة المرتبطة بالكريبتو تدفقات خارجة كبيرة، وهو ما يعكس تراجعاً سريعاً في شهية المخاطرة.
على صعيد آخر، يواجه الإطار التنظيمي تحديات إضافية؛ إذ أن وكالات مثل هيئة الأوراق المالية (SEC) وهيئة تداول السلع (CFTC) باتت مضطرة إلى تأجيل أو إبطاء أنشطتها غير الأساسية، بما في ذلك الموافقات على صناديق جديدة أو اتخاذ إجراءات تنفيذية، وهو ما قد يعرقل سير سوق الأصول الرقمية. في الوقت ذاته، عزز ارتفاع مؤشر الدولار من الضغوط على البيتكوين وغيره من الأصول عالية المخاطر، نظراً لتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة.
وبالنظر إلى اقتراب الموعد الحاسم، أصبحت لعبة شد الحبل في واشنطن متغيراً رئيسياً يحدد اتجاه الأسواق. المؤسسات الاستثمارية الكبرى بدأت بالفعل بتعديل مراكزها، مع تعزيز حيازاتها من أدوات الدين قصيرة الأجل والأصول الملموسة تحسباً لاضطرابات محتملة. هذه الأزمة، التي تكشف هشاشة المشهد السياسي الأمريكي، قد تعيد رسم خريطة توزيع الأصول الخطرة على مستوى عالمي في الأجل القريب.