لماذا يقترب الذهب من 4000 دولار للأونصة؟

هناك عدة عوامل متشابكة تدفع الذهب إلى هذه المنطقة القياسية:

1. التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية: هذا هو العامل الأقوى حالياً. عندما تشير بيانات التضخم (مثل مؤشر أسعار المستهلكين) إلى تباطؤ، تميل البنوك المركزية (مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي) إلى خفض أسعار الفائدة لجعل الأموال "أرخص". هذا يقلل من عائد الاستثمار في الأصول ذات الدخل الثابت (مثل السندات)، مما يجعل الذهب (الذي لا يدر عائداً) استثماراً أكثر جاذبية.

2. ضعف الدولار الأمريكي: يوجد عادة علاقة عكسية بين قوة الدولار وسعر الذهب. عندما تنخفض توقعات أسعار الفائدة، يميل الدولار للضعف. وبما أن الذهب مقوم بالدولار، فإن ضعف العملة يجعل شراء الذهب أرخص للمستثمرين من خارج الولايات المتحدة، مما يزيد الطلب وبالتالي السعر.

3. التقلبات وعدم اليقين الجغرافي والسياسي: الذهب هو الملاذ الآمن التقليدي في أوقات الأزمات. تستمر الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، بالإضافة إلى التوترات التجارية بين القوى الكبرى، في دفع المستثمرين والمصارف المركزية نحو الاحتفاظ بالذهب كوسيلة للحفاظ على القيمة.

4. شراء المصارف المركزية بشكل قياسي: تقوم مصارف مركزية في دول مثل الصين وروسيا والهند وبولندا وتركيا بشراء كميات هائلة من الذهب لتنويع احتياطياتها بعيداً عن الدولار والأصول الغربية، تحسباً لأي عقوبات أو أزمات مالية. هذا الطلب المؤسسي الكبير يدعم الأسعار بشكل هيكلي.

5. مخاوف التضخم المستمرة: على الرغم من تباطؤ معدلات التضخم، لا يزال المستثمرون قلقين بشأن تآكل القوة الشرائية للعملات على المدى الطويل. الذهب يُنظر إليه على أنه "مخزن للقيمة" يحمي من التضخم.

ما الذي يمكن توقعه في المستقبل؟

· الاختبار النفسي الحاسم: مستوى 4000 دولار هو حاجز نفسي كبير. إذا تم كسره واستمر الذهب فوقه، فقد يفتح الباب أمام صعود أسرع نحو مستويات جديدة (مثل 4200 أو 4500 دولار).

· مخاطر التصحيح: لا يمكن استبعاد حدوث تصحيح أو تراجع في الأسعار. إذا جاءت بيانات اقتصادية أقوى من المتوقع (مثل بيانات التوظيف أو التضخم)، فقد يتراجع الاحتياطي الفيدرالي عن فكرة خفض الأسعار، مما قد يدفع الدولار للصعود والذهب للهبوط مؤقتاً.

· السيولة في الأسواق: في ظل عدم اليقين، يبحث المستثمرون عن أي أصل آمن. الذهب، بكونه أحد أقدم الأدوات المالية المعروفة، يستفيد من هذه الحالة.

خاتمة

صعود الذهب إلى هذا المستوى القياسي هو قصة متعددة الأبعاد: قصة اقتصادية (أسعار الفائدة والتضخم)، وقصة سياسية (التوترات الجغرافية)، وقصة تحول في النظام المالي العالمي (شراء المصارف المركزية). إنه ليس مجرد سلعة تتألق، بل هو مرآة تعكس حالة من القلق والتحول في النظام المالي العالمي.